السادس: خبر الجمع العظيم عن الصفات القائمة بقلوبهم من الشهوة والنفرة لا يجوز أن يكون كذبًا.
وأيضًا: الجمع العظيم البالغ إلى حد التواتر، إذا أخبر واحد منهم عن شيء غير ما أخبر عنه صاحبه، فلا بد، وأن يقع فيها ما يكون صدقًا، ولذلك نقطع بأن الأخبار المروية عنه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الآحاد- ما هو قوله، وإن كنا لا نعرف ذلك بعينه.
السابع: اختلفوا في أن القرائن، هل تدل على صدق الخبر أم لا؟ فذهب النظام وإمام الحرمين والغزالي إليه، والباقون أنكروه.
احتج المنكرون بأمور:
أولها: أن الخبر مع القرائن التي يذكرها النظام، لو أفاد العلم، لما جاز انكشافه عن الباطل، لكن قد ينكشف عنه؛ لأنا قد علمنا أن الخبر عن موت إنسان مع القرائن التي يذكرها النظام من البكاء عليه، والصراخ، وإحضار الجنازة والأكفان، قد ينكشف عن الباطل؛ فيقال:(إنه أغمى عليه، أو لحقته سكتة، أو أظهر ذلك؛ ليعتقد السلطان موته، فلا يقتله).
فثبت أن هذه القرائن لا تفيد العلم.
الثاني: لو كانت القرائن هي المفيدة للعلم، لجاز ألا يقع العلم عند خبر التواتر؛ لعدم تلك القرائن؛ ولما لم يجز ذلك، بطل قوله.
الثالث: لو وجب العلم عند خبر واحد، لوجب ذلك عند خبر كل واحدٍ، كما أن الخبر المتواتر، لما اقتضاه في موضعٍ، اقتضاه في كل موضعٍ.