ومن قال: إنه ليس صفة ذاته؛ بل مخلوق في عباده جوز بالتفسير المتقدم، وكل من جوز ذلك لعدم قوله بالقبح، أو لاعتقاده أن لفظ القرآن مخلوق في الخلق، قال بالاستحالة لوجه آخر، وهو قرائن السياق، وتكرر الآيات وأمور حالية ومقالية أفادت القطع بأن المراد بالخبر ما يطابقه، ولهذا قال: كلام الله- تعالى- صدق باتفاق أهل الملل، مع أن الخلاف بينهم في القبح والمخلوق، فقد اتفقوا على المقصد، واختلفوا في المدرك الدال على ذلك.
قوله:(يستحيل الكذب في كلام النفس على من يستحيل الجهل عليه).
تقريره: أن الله- تعالى- بكل شيء عليم، وتقرر في أصول الدين أن كل عالم يخبر عن معلومه، وذلك في غاية الظهور في العلوم التصديقية؛ لأنا إذا حكمنا أن العالم حادث، فلا بد أن يقوم بنفوسنا إسناد الحدوث إلى العالم، والإسناد خبر، فنحن مخبرون؛ لأنا عالمون.
وأما في العلوم التصويرية فإنا إذا تصورنا حقيقية العالم، فلا بد أن نعلم أنا متصورون للعالم، أو يجوز علينا أن نعلم ذلك، والجائز في حق الله- تعالى- ذاته واجب الوقوع له، فيجب أن يعلم أن الله- تعالى- عالم بحقيقة العالم، وهذا تصديق، فقد تقدم تقرير لزوم الخبر له، فعلمنا أن الخبر لازم لمطلق العلم في حق الله- تعالى- كان العلم علمًا بالمفردات، أو بالتصديقات، فظهر وجوب قيام الصدق بذات الله- تعالى- على وفق العلم، فلو فرضنا ضده به إما أن يكون العلم بخلافه، فيلزم اجتماع الضدين وهو محال، أو لا مع العلم، فيلزم الجهل، وهو محال.
قوله:(المعجز في حق الرسول- عليه السلام- قائم مقام التصديق).
تقريره: أن العلماء اختلفوا في المعجزة هل هي قائمة مقام التصديق، أو تدل على الصدق فقط لا على تصديق غيره؟ وتقريره بالمثال الذي ذكروه أن الملك العظيم الجلالة والأبهة والعظمة إذا قام أحد في مجلسه بمحضر رعيته،