أحدهما: أن إفراد الإقامة وتثنيتها من أظهر الأمور وأجلاها؛ ثم إن ذلك لم ينقل بالتواتر.
وثانيها: القول في هيئات الصلاة؛ من رفع اليدين والجهر بالتسمية، كل ذلك أمور ظاهرة؛ مع أنها لم تنقل نقلًا متواترًا.
وثالثها: انشقاق القمر، وتسبيح الحصى، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل، ونبوع الماء من بين الأصابع أمور عظيمة؛ ثم إنها لم تنقل بالتواتر.
فإن قلت: ذلك لأنهم استغنوا بنقل القرآن عن فقلها.
قلت: لا نسلم حصول الاستغناء بنقل القرآن؛ لأن كون القرآن معجزًا أمر لا يعرف إلا بدقيق النظر، والعلم بكون هذه الأشياء معجزاتٍ علم ضروري؛ فكيف يقوم أحدهما مقام الآخر؟.
فإن قلتم: لا نزاع في حصول التفاوت من هذه الجهة؛ ولكن لما كان القرآن دليلًا قاطعًا، جاز أن يصير ظهوره واشتهاره سببًا لفتور الدواعي عن نقل سائر المعجزات، وإن كانت أظهر من القرآن.
فنقول: لم لا يجوز أن يقال: إن دلالة قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله}[المائدة: ٥٥] ودلالة خبر الغدير، والمنزلة على إمامة علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- وإن كانت خفية، إلا أن ذلك صار سببًا لفتور الدواعي عن نقل النص الجلي؟.
ورابعها: أن أقاصيص الأنبياء المتقدمين والملوك الماضين ما نقلن نقلًا متواترًا؛ وهو يقدح في قولكم.