للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى قولهم: "لولا الاختصاص ما حكم فيه بالوجوب بما لأجله استحق ذلك لزم الترجيح من غير مرجح" ثلاثة أسئلة:

الأول: أن قاعدة مذهبهم تقتضي أن المصالح والمفاسد تتبعها الأحكام، وأن الأحكام لوازم الاوصاف، ونتيجة هذه المقدمات صدق قولنا: لو حكم تعالى بالوجوب لكان لمرجح هو المصلحة، فتكون المصالح والمفاسد لوازم، والمطلوب أن تكون ملزومات، واللازم لا يجب أن يكون ملزوما، ولم يثبتوا هذا اللازم مما ينعكس ملزوما، فلا تنتج قاعدتهم.

الثاني: أنا لا نسلم أن ثم مرجحا، وهو المصلاح والمفاسد، ولكن ربط هذه الأحكام بها هل هوعلى سبيل الوجوب كما يقولون؟ أو التفضل كما تقوله نحن؟

الأول: ممنوع.

والثاني: مسلم، ولا يحصل مقصودكمن؛ فإن التفضل لا يعلم إلا بالسمع دون العقل، وأنتم تدعون ثبوت هذه المراعاة بالعقل.

الثالث: أنه لا يلزم من عدم الترجيح بالمصالح والمفاسد نفي أصل المرجح، فلم قلتم: إنه يلزم الترجيح من غير مرجح، ثم إنا ننازع بإبداء مرجح على هذا التقدير؟ فنقول: لم لا يجوز أن يكون هو الإرادة، كما يختص وجود العالم لوقت المعين دون غيره، وكذلك سائر أجزاءه وأحواله التي هي قابلة لأضدادها؟

وعلى قولهم: لو حسن من الله تعالى كل شيء لحسن منه إظهار المعجزة على يد الكاذب، أن حاصل تجويز عدم مراعاة الله تعالى للمصالح يلزم منه تجويز إضلال الحلق بعدم معرفة أوصفا الأنبياء وتمييزهم عن غيرهم، وهذا إذا سلم هو عين مذهبنا، فإنا نجوز على الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>