أما نظرنا في معجزة المدعي وقرائن أحواله وسجاياه هل تقبل الكذب أم لا؟
وهل غرضه الدنيا أم لا؟ إلى غير ذلك من جميع ما يتوهم أنه باعث على الكذب، فحينئذ يحصل العلم ويقع الفرق بينه وبين الكذابين بالضروة، بحيث لا يبقى لبس، فمجرد إظهار المعجز ليس كافيا في حصول العلم بالنبوة حتى ينظر في جميع الأحوال، فما يجيبون به عن المتشابهات التي أوردناها عليهم في البحث عن المقدمة الأولى، نحن نجيب به عن المقدمة الثانية، وهي تصديق الله تعالى بالمعجز، لأنه عند عدم النظر كالمتشابهات عند عدم النظر، فلا يصح حينئذ إظهار المعجز على يد الكاذب، فإن النظر يفضحه، ويبين أنه كاذب ليس بنبي، فلا يكون ذلك قبيحا، كما أن النظر بين الآيات المتشابهات بين أنها ليست لما دل عليه ظاهرها، بل معنى آخر، فبطل المقام الأول؛ لأن غرض التصديق لا يتعين، وبطل المقام الثاني، لأنا قلنا: إنه كالمتشابهات، وأن جوابهما واحد، فبطل المقامان، فاندفعت الشبهة.
وقوله في الجواب عن إظهار المعجز على يد الكاذب:"لو كان الفعل يتوقف على الغرض لزم الجبر" ممنوع، لجواز أن يكون متوقفا عليه، وهو بعض ما يتوقف عليه، فيلزم من عدمه العدم، ولا يجب الوجود عند حضوره، ويصدق التوقف.
وقوله:"المعاريض لا بد فيها من زيادة أو نقصان، أوتقييد أو تخصيص ".
مثال الزيادة: أن يسألك الظالم عن زيد، من عند؟ فتقول: حيوان، وتزيد في نفسك ناطق، ولا تظهره له، وتفهمه هو أنه حيوان بهيم.
ومثال النقصان: أن تقول: هو ولدي، وتريد في نفسك أنك تعامله معالمة الأبناء، فينقص وصف البنوة، ويبقى زيد وحده، كما قال الخليل