المسألة الأولى: الكافر الذي لا يكون من أهل القبلة: أجمعت الأمة على أنه لا تقبل روايته، سواء علم من دينه المبالغة في الاحتراز عن الكذب، أو لم يعلم.
المسألة الثانية: المخالف من أهبل القبلة، إذا كفرناه؛ كالمجسم وغيره، هل تقبل روايته أم لا؟! الحق أنه: إن كان مذهبه جواز الكذب، لم تقبل روايته؛ وإلا قبلناها، وهو قول أبي الحسين البصري.
وقال القاضي أبو بكر والقاضي عبد الجبار: لا تقبل روايتهم.
لنا: أن المقتضى للعمل به قائم، ولا معارض؛ فوجب العمل به.
بيان أن المقتضى قائم: أن اعتقاده تحريم الكذب يزجره عن الإقدام عليه؛ فيحصل ظن صدقه، فيجب العمل به؛ على ما بيناه.
وبيان أنه لا معارض: أنهم أجمعوا على أن الكافر الذي ليس من أهل القبلة لا تقبل روايته، وذلك الكفر منتف هاهنا.
واحتج أبو الحسين: بأن كثيرًا من أصحاب الحديث قبلوا أخبار سلفنا؛ كالحسن، وقتادة، وعمرو بن عبيد مع علمهم بمذهبهم، وإكفارهم من يقول بقولهم.
واحتج المخالف بالنص، والقياس:
أما النص: فقوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}[الحجرات: ٦] أمر بالتثبت عند نبأ الفاسق، وهذا كافر، فوجب التثبت عند خبره.
وأما القياس: فقد أجمعنا على أن الكافر الذي لا يكون من أهل القبلة لا تقبل روايته؛ فكذا هذا الكافر.