لنا: أن ظن صدقه راجح، والعمل بهذا الظن واجب، والمعارض المجمع عليه منتف؛ فوجب العمل به.
واحتج الخصم: بأن منصب الرواية لا يليق بالفاسق، أقصى ما في الباب أنه جعل فسقه؛ ولكن جهله بفسقه فسق آخر؛ فإذا منع أحد الفسقين من قبول الرواية، فالفسقان أولى بذلك المنع.
والجواب: أنه إذا علم كونه فسقًا، دل إقدامه عليه على اجترائه على المعصية؛ بخلاف ما إذا لم يعلم ذلك.
المسألة الثانية: المخالف الذي لا نكفره-ولكن ظهر عناده- لا تقبل روايته؛ لأن المعاند يكذب مع علمه بكونه كذبًا، وذلك يقتضى جرأته على الكذب، فوجب ألا تقبل روايته.
المسألة الثالثة: قال الشافعي-رضي الله عنه-: (رواية المجهول غير مقبولة بل لابد فيه من خبرة ظاهرة، والبحث عن سيرته وسريرته) وقال أبو حنيفة-رحمه الله- وأصحابه:(يكفي في قبول الرواية الإسلام، بشرط سلامة الظاهر عن الفسق).
لنا أوجه:
الأول: الدليل ينفى العمل بخبر الواحد؛ لقوله تعالى:{إن الظن لا يغنى من الحق شيئًا}[النجم: ٢٨] خالفناه في حق من اختبرناه؛ لأن الظن هناك أقوى، فيبقى في المجهول على الأصل.