الثاني: الدليل ينفى جواز العمل بخبر الواحد، إلا إذا قطعنا بأن الراوى ليس بفاسق؛ ترك العمل به فيما غلب على ظننا: أنه ليس بفاسق؛ بسبب كثرة الاختبار؛ فيبقى فيما عداه على الأصل.
بيان الثاني: أن عدم الفسق شرط جواز الرواية؛ فوجب أن يكون العلم به شرطًا لجواز الرواية.
وإنما قلنا:(إن عدم الفسق شرط جواز الرواية) لقوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}[الحجرات: ٦] وهو صريح في المنع من قبول رواية الفاسق.
وإنما قلنا:(إن عدم الفسق، لما كان شرطًا لجواز الرواية، وجب أن يكون العلم به شرطًا لجواز الرواية) لأن الجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط.
وبيان الفارق: أن العدالة أم كامن في الباطن، لا إطلاع عليه حقيقة بل الممكن فيه الاستدلال بالأفعال الظاهرة، وذلك، وإن لم يفد العلم؛ لكنه يفيد الظن، ثم الظن الحاصل بعد طول الاختبار أقوى من الظن الحاصل قبله، وإذا كان كذلك، لم يلزم من مخالفة الدليل عند وجود المعارض القوي-مخالفته عند وجود المعارض الضعيف.
الثالث: أجمعنا: على أنه لما كان الصبا، والرق، والكفر، وكونه محدودً في القذف- مانعًا من الشهادة: لا جرم اعتبر في قبول الشهادة العلم بعدم هذه الأشياء ظاهرًا؛ فوجب أن يكون الأمر كذلك في العدالة، والجامع الاحتراز عن المفسدة المحتملة.
الرابع: إجماع الصحابة-رضي الله عنهم- على رد رواية المجهول: رد عمر