النسيئة) ثم أسنده إلى أسامة، وروى أيضًا (ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي؛ حتى رمى جمرة العقبة) ثم ذكر أنه أخبره به الفضل بن عباس -رضي الله عنهما-، وهذه الروايات تدل على جواز قبول المرسل.
وأما القياس: فلأنه لو لم يقبل المرسل، لما قبل ما يجوز كونه مرسلًا، فكان ينبغي إذا قال الراوي:(عن فلان) ألا يقبل؛ لأنه لا يجوز أن يكون أخبر عنه.
والجواب: قد بينا أن العدل يروي عن العدل، وعن من لا يكون عدلًا.
قوله:(لم لا يجوز أن يقال: (روايته عن العدل أرجح من روايته عمن ليس بعدل؟).
قلنا: لأنه إذا ثبت أنه لا منافاة بين كونه عدلًا، وبين روايته عمن ليس بعدل- كان ذلك ممكنًا بالنسبة إليه من حيث هو هو، والممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر، إلا بمرجح منفصل، فقيل حصول ذلك المرجح: لا يبقى إلا أصل الإمكان.
قوله أولًا:(الفرع مع عدالته أخبر عن الرسول، ولا يجوز له ذلك الإخبار إلا وقد اعتقد عدالة الراوي):
قلنا: الفرع إذا قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فهذا يقتضي الجزم بأن هذا القول قول رسول الله، والجزم بالشيء مع تجويز نقيضه كذب، وذلك يقدح في عدالة الراوي؛ فإذن: لا بد من صرف هذا اللفظ عن ظاهره؛ فليسوا بأن يقولوا:(المراد منه: أني أظن: أنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أولى من أن نقول نحن: (المراد منه: أني سمعت أنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ومعلوم أنه لو صرح بهذا القدر، لم يكن فيه تعديل للأصل؛ لأنه لو سمعه من كافر متظاهر بالكفر،