الله عنه -: (اجتمع رأيى ورأي عمر في أم الولد على ألا تباع، وقد رأيت الآن بيعهن) وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قصة (بروع): (أقول فيها برأيي).
وإنما قلنا:(إن الرأي عبارة عن القياس) لأنه يقال للإنسان: أقلت هذا برأيك، أم بالنص؟ فيجعل أحدهما في مقابلة الآخر؛ وذلك بدل على أن الرأي لا يتناول الاستدلال بالنص، سواء كان جليًا، أو خفيًا؛ فثبت بهذه الوجوه الأربعة أن بعض الصحابة ذهب إلى القول بالقياس والعمل به.
وأما المقدمة الثانية؛ وهي: أنه لم يوجد من أحدهم إنكار أصل القياس؛ فلأن القياس أصل عظيم في الشرع نفيًا وإثباتًا، فلو أنكر بعضهم، لكان ذلك الإنكار أولى بالنقل من اختلافهم في مسألة الحرام والجد؛ ولو نقل، لاشتهر، ولوصل إلينا، فلما لم يصل إلينا، علمنا أنه لم يوجد، وتقرير مقدمات هذا الكلام ما تقدم مثله في المقدمة الأولى.
وأما المقدمة الثالثة؛ وهي: أنه لما قال بالقياس بعضهم، ولم ينكره أحد منهم، فقد انعقد الإجماع على صحته، فالدليل عليه أن سكوتهم: إما أن يقال: إنه كان عن الخوف، أو عن الرضا:
والأول: باطلٌ؛ لأنا نعلم من حال الصحابة شدة انقيادهم للحق؛ لا سيما فيما لا يتعلق به رغبة ولا رهبة في العاجل أصلاً؛ وذلك يمنع من حمل السكوت على الخوف.
وأيضًا: فلأن بعضهم خالف البعض في المسائل التي حكيناها، ولو كان هناك خوف يمنعهم من إظهار ما فب قلوبهم، لما وقع ذلك؛ فثبت أن سكوتهم كان