بيان الثاني: قوله - عليه الصلاة والسلام -: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) فهذه الشبهة تقتضي أن يكون مجرد قول العالم حجة؛ فلعل هذه الشبهة خطرت ببالهم، ومنها الإجماع.
فإن قلت:(حصول الإجماع في محل الخلاف محالٌ):
قلت: المقصود من ذكر الإجماع بيان ثبوت الواسطة بين النص والقياس في الجملة، فهذا هو الكلام على الوجه الثالث.
وأما الوجه الرابع: وهو أن الصحابة قالت بالرأي، والرأي هو القياس: فنقول: لا نسلم أن الرأي هو القياس؛ والدليل عليه وجوه:
الأول: أنه يقال: رأى يرى رؤية ورأيًا؛ فدل هذا على أنه مرادف للرؤية، فإذا ثبت ذلك، وجب ألا يكون حقيقة في القياس؛ دفعًا للاشتراك، وإذا ثبت أنه ما كان في أصل اللغة للقياس، وجب ألا يكون في عرف الشرع له؛ لأن النقل خلاف الأصل.
الثاني: لو كان الرأي اسمًا للقياس، لكان اللفظ المشتق منه دليلاً على القياس، وكان يجب أن يكون قولنا:(فلان يرى كذا) معناه: أنه يقيس، ومعلوم أن ذلك باطلٌ؛ لأن من يذهب إلى الرؤية، والصفات، وخلق الأعمال، يجوز أن