ولو قال مالكم إله أو ما تأيتهم آية لم تعم، فعلمنا حينئذ ان النكرة لا تعم كيف كانت، فلم قلتم: إن "معذبين" من الصيغ التي تعم نكراتها في النفي؟
الثثالث:"ما"موضوعة لنفي الحال مع "ليس"كما أن "لم، ولما" موضوعان لنفي الماصي، و"لا" و"لن"لنفي المستقبل، وكان صيغة مضى، فيتعين أن يكون هذا لالفظ حكاية حال ماصية، وزمن هذه الحال لم يتعين، فلا يتعين هذا السلب العام من هذا الوجه أيضا.
الرابع: سلمنا العموم مطلقا، لكن العام في أفراد ماهية المطلق في أحوالها وزمانها، وبقاعها ومتعلقاتها، فإذا قال الإنسان: لا علم لي، هذا عام في نفي جميع أفراد علمه، غير أنه يحسن تقييده بمجيء زيد فلو قلال: أردت ذلك، لم يصر لفظه مجازا بهذا التقييد، بخلاف لو قال: أردت نفي بعض أفراد العلم دون بعض، كان من مجاز التخصيص، فتكون الصغية عامة في نفي افراد التعذيب مطلقة في متعلق التعذيب، فلعله على شيء معين، فما تعين نفي التعذيب على كل شيء، فلا يلزم نفي التكليف.
الخامس: سلمنا عمومه في أفراد التعذيب، وفي متعلقه لكن قوله تعالى:"حتى نبعث رسلوا" يقتضي مفهمه أنه يعذب حينئذ، لأن ما بعد الغاية يقتضي أن يثبت فيه نقيض ما قبلها، فنجزم بوقوع التعذيب بعد البعثة، لكن لم تصرح الآية بأن هذا التعذيب لما سبق، ولا لما يأتي، ولا لما هو خاضر فلعله للماضي، فلا يلزم نفي التكليف في الماضي، بل نقول: اللفظ يقتضي أن التعذيب لأجل الماضي، لأن المفهوم هو نقيض