الثاني: أن الرجل، لو قال:(أعتقت غانمًا لسواده، فقيسوا عليه) لم يعتق سائر عبيده السود؛ فضلاً عما إذا لم يأمر بالقياس.
فإذا قال الله تعالى:{حرمت الربا في البر} فكيف يجوز القياس عليه؟ فهذا كله كلام من لم يمنع القياس عقلاً.
أما المانعون منه عقلاً: فقد ذكرنا أن منهم: من خص ذلك المنع بهذا الشرع، ومنهم: من منعه في كل الشرائع.
أما الأول: فهو قول النظام؛ واحتج عليه بأن مدار هذا الشرع على الجمع بين المختلفات، والفرق بين المتماثلات، وذلك يمنع من القياس في هذا الشرع.
بيان الأول بصور:
إحداها: أنه جعل بعض الأزمنة والأمكنة أشرف من بعض، مع استواء الكل في الحقيقة؛ قال الله تعالى:{ليلة القدر خير من ألف شهر}[القدر: ٣] وفضل الكعبة على سائر البقاع.
وثانيتهما: جعل التراب طهورًا، مع أنه ليس بغسال، بل يزيد في تشويه الخلقة.
وثالثتهما: فرض الغسل من المني، والرجيع أنتن منه.
ورابعتها: نهانا عن إرسال السبع على مثله، وأقوى منه، ثم أباح إرساله على البهيمة الضعيفة.
وخامستها: نقص من صلاة المسافر الشطر مما كان عدده أربعًا، وترك ما كان ركعتين.