الاحتراز عنه، ولا شك أن خبر الواحد يفيد الظن، فإذا ورد في المنع من القياس، أفاد ظن أن التمسك به سبب الضرر؛ وذلك يوجب الاحتراز عنه.
وأما إجماع الصحابة: فهو أنه نقل عن كثير منهم التصريح بذم القياس؛ على ما تقدم بيانه، ولم يظهر من أحد منهم الإنكار على ذلك الذم، وذلك يدل على انعقاد الاجتماع على فساد القياس.
فإن قلت:(هذا معارض بأنه نقل عنهم: أنهم اختلفوا في مسائل، مع أنه لا طريق لهم إلى تلك المذاهب إلا القياس):
قلت: ما ذكرناه أولى؛ لأن التصريح راجح على ما ليس بتصريح.
وأما إجماع العترة: فلأنا، كما نعلم بالضرورة بعد مخالطة أصحاب النقل:
أن مذهب- الشافعي رضي الله عنه- وأبي حنيفة ومالك- رحمهما الله-: القول بالقياس، فكذا نعلم بالضرورة أن مذهب أهل البيت؛ كالصادق، والباقر: إنكار القياس، وقد تقدم في- باب الإجماع- أن إجماع العترة حجة.
وأما المعقول: فمن وجوه:
الأول: لو جاز العمل بالقياس، لما كان الاختلاف منهيًا عنه؛ لكنه منهي عنه؛ فالعمل بالقياس غير جائز.
بيان الملازمة: أن العمل بالقياس اتباع الأمارات، وذلك يقتضي وقوع الاختلاف؛ لا محالة، ووقوع ذلك شاهد على صحة ما قلناه.
بيان أنه لا تجوز المخالفة: قوله تعالى: {ولا تنازعوا؛ فتفشلوا، وتذهب ريحكم}[الأنفال: ٤٦].