الصحة، لكنه غير مساو، فلا يصح على تقدير صحته، فيجمتع النقيضان على تقدير القول بصحته، وتتبين المقدمات بطرقها الفقهية، وكذلك في كل مسألة من هذا النمط، هذا هو المتحصل من هذا الاستدلال فيها على هذا الوجه، فهو -أعني الإمام- بين أن مذهب المعتزلة ملزو لاجتمع النقيضين من جهة وقوع عدم الوجوب على تقدير الوجوب جاء السائ من جهة المعتزلة.
قال: ويلزم أيضا على هذا التقدير اجتماع النقيضين من جهة عدم الوجوب بالسمع، مع أن الواقع الوجوب السمعي، فجعل هذا لازما آخر لذلك التقدير، فقال له الإمام: هذا هو غرضنا أن يكون هذا التقدير الذي هو الوجوب العقلي ملزما لألف محال أنا بينت محالا لازما له، وأنت بينت محالا آخر، فلا يقدح ذلك في غرضي، فإنه كلما كثرت اللوازم المحالة للتقدير كان ذلك أبلغ في بطلانه، فالمعتزلة ساعدونا بهذا السؤال، ولم يقدحوا في غرضنا فلذلك قال: مرادي أنه لا يثبت الوجوب العقلي، ولا السمعي على هذا التقدير، فيجتمع النقيضان في العقلي، وفي السمعي معا، لان السمعي واقع إجماعا، والعقلي واقع بالفرض، فعدم الوقوع فيهما يقتضي إجتماع النقيضين في كل واحد منهما، وهذا التقدير مبني على قاعدة ينبغي أن يتفطن لها، وهو أنه متى فرض تقدير، وذكر دليل، فهو على ذلك التقدير، وجميع ما يرد عليه سؤال وجواب هو على ذلك التقدير إلى أن ينفصل البحث في ذلك الدليل، فلهذه القاعدة كان النقيضان مجتمعين في العقلي والشرعي على هذا التقدير، وكان هذا ملزوما للمحالين، فلا جرم لم يخل ذلك بغرض المستدل الأول، وكذلك في جميع مسائل الخلاف في الفقه والأصول، فاعلم ذلك.
فإن قلت: إن فرضنا الخصم ردد في نفس الأمر لا على هذا التقدير، فما يكون جوابنا عن النكتة التي ذكرها المستدل؟ وأي الأقسام يلتزم، وكيف يظهر الفرق؟