للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنه معترف بأن الحكم ليس إلا خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، وذلك هو كلامه القديم؛ فكيف يعقل كون الصفة المحدثة موجبة للشيء القديم، سواء كانت الموجبة بالذات، أو بالجعل؟.

الثاني: أن الشارع، إذا جعل الزنا علة، فخال ذلك الجعل: إن لم يصدر عنه أمر البتة، لم يكن جاعلا البتة، وإن صدر عنه أمر، فلذلك الأمر: إما الحكم، أو ما يؤثر في الحكم، أولا الحكم، ولا ما يؤثر في الحكم:

فإن كان الصادر هو الحكم: كان المؤثر في الحكم هو الشارع، لا الوصف، وقد فرض أن المؤثر هو الوصف هذا خلف.

وإن كان الصادر ما يؤثر في الحكم: كان تأثير الشارع في إخراج ذلك المؤثر من العدم إلى الوجود، ثم إنه بعد وجوده يؤثر في الحكم لذاته، فتكون موجبيته لذاته، لا بالشرع.

وإذا كان الصادر لا الحكم، ولا ما يؤثر فيه البتة: لم يحصل الحكم حينئذ، وإذا لم يحصل الحكم، لم يجعل الشرع ذلك الوصف موجبا لذلك الحكم، وقد فرض كذلك؛ هذا خلف.

التفسير الثاني: الداعي، وهو بالحقيقة أيضا: موجب؛ لأن القادر، لما صح منه فعل الشيء، وفعل ضده، لم تترجح فاعليته للشيء على فاعليته لضده، إلا إذا علم أن له فيه مصلحة، فذلك العلم هو الذي لأجله؛ صار القادر فاعلا لهذا الضد؛ بدلا من كونه فاعلا لذلك الضد؛ لكن العلم موجب لتلك الفاعلية، ومؤثر فيها، فمن قال: (أكلت؛ للشبع) كان معناه ذلك.

إذا عرفت هذا، فنقول: هذا في حق الله تعالى محال؛ لوجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>