للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن كل من فعل فعلا؛ لغرض، فإنه مستكمل بذلك الغرض، والمستكمل بغيره ناقص بذاته؛ وذلك على الله تعالى محال.

وإنما قلنا: (إن فعل فعلا؛ لغرض، فإنه مستكمل بذلك الغرض) لأنه إما أن يكون حصول ذلك الغرض، ولا حصوله بالنسبة إليه في اعتقاده على السواء، وإما أن يكون أحدهما أولى به في اعتقاده:

فإن كان الأول: استحال أن يكون غرضا، والعلم به ضروري بعد الاستقراء والاختبار.

وإن كان الثاني: كان حصول تلك الأولوية معلقا بفعل ذلك الغرض، وكل ما كان معلقا على غيره، لم يكن واجبا لذاته، فحصول ذلك الكمال غير واجب لذاته؛ فهو ممكن العدم لذاته؛ فلا يكون كمال الله تعالى صفة واجبة؛ له؛ بل ممكنة الزوال عنه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فإن قلت: (حصول ذلك الغرض، ولا حصوله بالنسبة إليه تعالى على السواء؛ ولكن بالنسبة إلى غيره، لا على السواء؛ فلا جرم أن الله تعالى يفعل، لا لغرض يعود إليه؛ بل الغرض يعود إلى عبده):

قلت: كونه تعالى فاعلا للفعل الذي هو أولى بالعبد، وكونه غير فاعل له: إما أن يتساويا بالنسبة إليه تعالى من جميع الوجوه، أو لا يتساويا:

فإن كان الأول: استحال أن يكون ذلك داعيا لله تعالى إلى الفعل.

وأيضا: فكيف يعقل هذا، مع أن المعتزلي يقول: لو لم يفعل، لاستحق الذم، ولما كان مستحقا للمدح، ولصار سفيها غير مستحق للإلهية، وإن كان أحدهما أولى، عاد الإشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>