للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعلق لا يتصور من الكلام حكم، والحكم هو مجموع المركب من الكلام القديم، والتعلق عدمي؛ لأنه نسبة بين الكلام وأفعال المكلفين، والنسب والإضافات كلها عدمية عند أهل الحق، فيكون الحكم عدميًا؛ لأن المركب من الوجود والعدم عدم، وإذا كان الحكم بهذا الاعتبار عدميًا، أمكن أن يترتب تحقيقه على غيره، ولا تمتنع إضافة محققة للغير، وإنما يمتنع ذلك في الواجب الموجود بجميع أجزائه.

قوله: (وأما على قول من يقول: الأحكام أمور عارضة للأفعال معلّلة بوقوع تلك الأفعال على جهاتٍ مخصوصة، فهو قول المعتزلة، وقد أبطلناه):

تقريره: أن المعتزلة لا تقول بالكلام النفساني، والأحكام عندهم أوامر الشرع ونواهيه الدالة على إرادة عدم ذلك المحرم، ووجود ذلك الواجب؛ لأجل اشتمال المحرم على المفسدة، والواجب على المصلحة، فتلق هذه الألفاظ الخاصة بالأفعال أمور عارضة للأفعال؛ لأجل المصالح والمفاسد، هذا بعد ورود الشرائع بصيغ النصوص.

وأما قبلها، فالأحكام عندهم ثابتة مع أنه لا لفظ من قبل الشرع حينئذ؛ بل المتعلق الإرادة فقط، وتلك الإرادة متعلقة بالفعل في الواجب، والترك في المحرم، والتخيير في المباح، وتعلقت- أيضًا- بالعقاب والثواب على حسب مراتب الأفعال، فهذه هي الأمور العارضة للأفعال.

قوله: (الاستحقاق أمر ثبوتي؛ لأنه مناقضٌ لعدم الاستحقاق):

قلنا: هذا لا يتم؛ لأن الاستحقاق نسبة وإضافة بين المستحق الذي هو العذاب، والمستحق به الذي هو المعصية، والنسب كلها عدمية، وإن كان لفظها لفظ ثبوت، كما تقول: البنوة نقيضها عدم البنوة، وكذلك الأبوة، والفوقية، والتحتية، والتقدم، والتأخر، وغير ذلك من النسب العدمية،

<<  <  ج: ص:  >  >>