للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن يقال فيها كلها: هي نقيض عدمها، ولا يقتضي ذلك أنها وجودية في الخارج، وإذا كان الاستحقاق عدميًا، أمكن تعليله بالعدم الذي هو ترك الواجب، ثم هذا لا يتم في المحرم؛ فإن الاستحقاق فيه بالفعل، وهو وجودي، فدليلكم لا يعم جميع صور النزاع.

قوله: (الحكم مع علته المستقلة واجب الحصول لذاته):

تقريره: أن كل مؤثر إذا استجمع لكل ما لا بد منه في التأثير، وجب أثره ضرورة؛ لأنه لو لم يجب لجاز ألا يقع في تلك الحالة، فليفرض وقوعه تارة، وعدم وقوعه تارة أخرى، فاختصاص زمان الوقوع بالوقوع لا بد له من مرجّح، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح وهو محال.

فإذا حصل ذلك المرجح، وإن وجود الفعل لحصل المطلوب، وإلا عاد البحث، ولزم التسلسل، وهو محال، فحينئذ لا بد من حصول الأثر عند الاستجماع من الأسباب، والشروط، وانتفاء جميع الموانع، وهو المراد بالعلة المستقلة.

ومثاله: أن الكاتب (للألف) لا بد له من دواة، وقرطاسٍ، وقلم، وحركة بالإصبع على القرطاس، ومتى حصلت الأسباب كلها والشروط، وانتفت الموانع، وجب حصول (الألف) ضرورة، ولا تتأخر إلا لفقدان بعض ما فرضت وقوعه الآن، وهذا يوضح لك هذا المطلب العقلي.

غير أن قول المصنف: (واجب الحصول لذاته) إن كان الضمير في ذاته عائدًا على الأثر، فليس كذلك، بل هو واجب الحصول لغيره لا لذاته.

وإن كان عائدًا على العلة المستجمعة صح، والأول: هو ظاهر لفظه.

ويمكن تصحيح عبارته بطريق: وهو أن المعلول الذي استجمعت علته لوقوعه يجب وجوده لذاته، من حيث أنه مستجمع له، لا بالنظر إلى ذاته

<<  <  ج: ص:  >  >>