وثالثها: أن تقع بالاستثناء؛ كقوله تعالى:{إلا أن يعفون}.
ورابعها: أن تقع بلفظ يجرى مجرى الاستدراك؛ كقوله تعالى:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} فدلّ على أن التعقيد مؤثر في المؤاخذة.
وخامسها: أن يستأنف أحد الشيئين بذكر صفة من صفاته بعد ذكر الأخرى، ونكون تلك الصفة مما يجوز أن يؤثر؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (للراجل سهم، وللفارس سهمان (وأعلم أن الاعتماد في هذين النوْعين على أنه لا بدّ لتلك التفرقة من سبب، ولا بدّ في ذكر ذلك الوصف فائدة، فإذا جعلنا الوصف سببا للتفرقة، حصلت الفائدة.
النوع: النهي عن فعل يمنع ما تقدم وجوبه علينا؛ فيعلم أن العلة في ذلك النهي كونه مانعًا من ذلك الواجب؛ كقوله تعالى:{فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فإنه لما أوجب علينا السعي، ونهانا عن البيع، مع علمنا بأنه لو لم يكن النهي عن البيع؛ لكونه مانعًا من السعى، لكان ذكره في هذا الموضع غير جائز؛ وذلك يدلّ على أنه إنما نهانا عنه؛ لأنه يمنع من الواجب، وكتحريم التأفيف؛ فإن العلة فيه كونه مانعًا من الإعْظام الواجب؛ فهذه جملة أقسام الإيماءات.
مسألة: الظاهر من هذه الأقسام، وإن دلّ على العلية؛ لكنْ قد يترك هذا الظاهر عند قيام الدليل عليه؛ مثاله: قوله- عليه الصلاة والسلام-: (لا يقض القاضي، وهو غضبان) ظاهره يدلّ على أن العلة هي الضغب؛ ولكن لما