(أينقُصُ الرطب، إذا جف؟ قالوا: نعم، قال: فلا؛ إذن (فلو لم يكن نقصانه باليبس علة في المنع من البيع، لم يكن للتقرير عليه فائدة؛ وهذا أيضًا يدل على العلية؛ من حيث الجواب بـ (الفاء).
ورابعها: أن يقرر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حكم ما يشبه المسئول عنه، وينبه على وجه الشبه؛ فيعلم أن وجه الشبه هو العلة في ذلك الحكم؛ كقوله- عليه الصلاة والسلام- لعمر- رضي الله عنه- وقد سأله عن قبلة الصائم:(أرأيت لو تمضمضت بماء، ثم مججته) فنبه بهذا على أنه لا يفسد الصوم بالمضمضة والقبلة؛ لأنه لم يحصل ما هو الأثر المطلوب منهما.
النوع الرابع: أن يفرق الشرع بين شيئين في الحكم؛ بذكر صفة؛ فيعلم أنه لو لم تكن تلك الصفة علة، لم يكن لذكرها فائدة، وهو ضربان:
أحدهما: ألا يكون حكم أحدهما مذكورًا في الخطاب؛ كقوله- عليه الصلاة والسلام-: (القاتل لا يرث) فإنه قد تقدم بيان إرث الورثة، فلما قال:(القاتل لا يرثُ) وفرق بينه وبين جميع الورثة؛ بذكر القتل الذي يجوز كونه مؤثرًا في نفي الإرث- علمنا أنه العلة في نفي الإرث.
وثانيهما: أن يكون حكمهما مذكورًا في الخطاب، وهو على خمسة أوجه:
أحدهما: أن تقع التفرقة بلفظ يجرى مجرى الشرط؛ كقوله- عليه الصلاة والسلام-: (فإذا اختلف الجنسان، فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد) بعد نهيه عن بيع البر بالبر متفاضلًا؛ فدلّ على أن اختلاف الجنسين علّة في جواز البيع.
وثانيها: أن تقع التفرقة في الغاية؛ كقوله تعالى:{ولا تقربوهنّ حتّى يطهرْن}.