سلمنا أن ما يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم -، جوابا عن السؤال- مشعر بالتعليل؛ فلم قلتم: إن الذي يزعم الراوي أنه جواب عن السؤال مشعر به؟ لاحتمال أنه اشتبه الأمر على الراوي، فظنّ ما لم يكن جوابًا جوابًا.
قلت: الجواب عن الأول: أن الأكثر على أن الكلام الذي يصلح أن يكون جوابًا عن السؤال، إذا ذكر عقيب السؤال، فإنما يذكر جوابًا عنه، والصورة التي ذكرتموها نادرة، والنادر مرجوح.
وعن الثاني: أن العلم بكون الكلام المذكور بعد السؤال جوابًا عنه، أو ليس جوابًا عنه- أمرٌ ظاهر يعرف بالضرورة عند مشاهدة المتكلم، ولا يفتقر فيه إلى نظر دقيق.
النوع الثالث: أن يذكر الشارع في الحكم وصفًا، لو لم يكن موجبًا لذلك الحكم، لم يكن في ذكره فائدة، وهذا يقع على أقسام أربعة:
أحدها: أن يدفع السؤال المذكور في صورة الإشكال بذكر الوصف؛ كما روي أنه- عليه الصلاة والسلام- امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب، فقيل له: إنك تدخل على فلان، وعنده هرة، فقال:(إنها ليست بنجسة؛ إنما من الطوافين عليكم والطوّافات) فلو لم يكن لكونها من الطوافين أثر في طهارتها، لم يكن لكونها من الطوافين أثر في طهارتها، لم يكن لذكره عقيب الحكم بطهارتها فائدة.
وثانيها: أن يذكر وصفاً في محل الحكم لا حاجة إلى ذكره ابتداًء، فيُعلم أنه إنما ذكره لكونه مؤثرًا في الحكم؛ كما روى أنه- عليه الصلاة والسلام- قال:(ثمرة طبية وماءٌ طهور).
وثالثها: أن يقرر النبي - صلى الله عليه وسلم - على وصف الشيء المسئول عنه؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: