وكذلك:(لا تقربوه طيبًا؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا (هما سواء، والترجيح مشكل، بل المترجح إنما يحسن ويسهل في أن ذات العلة أدل على المعلول من ذات المعلول، من جهة أن العلة تقتضى عين المعلول، وكقولنا: (لامس) فإنا نقول: وجب عليه الوضوء، بخلاف لو قلنا:(وجب عليه الوضوء) لا يتعين أنه لامس؛ لأن علل الحكم يختلف بعضها بعضًا، فمن هذا الوجه يحسن الترجيح.
والكلام- هاهنا- ليس في هذا، إنما الكلام في جملتين من الكلام مركبتين على متقدم تمثيله، وذلك المجموع دلالته على العلية كدلالة المجموع الآخر؛ لأن في كليهما العلة، والمعلول، والفاء، والربط، فيعسر التفاوت بين المجموعين.
غير أن- هاهنا- وجهًا: وهو أنه إذا نطق بالعلة أولًا، تعين أن يترتب عليها معلولها؛ لأنه يقتضيه عينًا.
أما إذا تقدم المعلول في تركيب الكلام لا يقتضى عين علته، لكنّ الفاء ببعد ذلك تعيّنه.
وفي المثال الأول لفظ (الجزاء) المتقدم مع الفاء، فتظافرت الأدلة.
فإن قلت: في كلا الصورتين تظافرت الأدلة، غير أن المتقدم متأخر، والمتأخر متقدم، وأما التظافر فحاصل فيهما.
قلت: نسلم أن العلة مشعرةٌ بعليتها تقدمت أو تأخرت؛ لضرورة طرد العلل، وهو وجوب ترتب معلولاتها عليها في جميع الصور، غير أن المقصود هو أنه إذا لم ينطق بالعلة أولًا كانت معدومة في أوّل الكلام، فيشعر السامع أن هذا المعلول الذي نطق به أولًا قبل النّطق بعلّته، أنه مرتب على