ويمكن أن يقال: تواصل الوظائف يوجب انقياد العباد، وتجديد العهد بالله- تعالى- والنهي عن الفحشاء والمنكر، وهو يقع على الجملة.
ويجوز القياس الضروري على الضروري، والحد الواجب بالقصاص، وعقد تمس الحاجة إليه بالبيع.
والقسم الثاني وهو الحاجة كالإجارة، فيقاس بعضه على بعض، وقياس غير ذلك الأصل من هذا القسم بأصل آخر بجامع الحاجة منعه الجمهور؛ لأن الإجارة على خلاف الأصول؛ لأنه بيع معدوم يمتنع تسليمه، فمقابلته بالموجود خلاف الأصل، وقياس النكاح [وغيره عليه] قد يمنع.
والقسم الثالث: الذي ينسب إلى مكارم الأخلاق، فلا يقاس غيره عليه؛ لأنه وضع للاستصلاح، وتعميمه على الخلق في جميع الأوقات يعسر الوفاء به. والذي يحصل به الاستصلاح لا ينضبط في النظر، ولذلك أثبت الشارع فيه وظائف تحصل المقصود كما علمه الله تعالى، وهذا كالوضوء، فيه نظافة، ومكرمة، فأوجبه الشرع في أوقات، وعلم أن أرباب العقول لا ينقلون إلى أعضائهم الأوساخ في خلال تلك الأوقات، فكانت تلك الأوقات كافية في المكرمة مع نفي التضييق، والنجاسة أولى في المكارم من الطهارة؛ لما فيها من الاستقذار ومنافاة المروءة.
ولذلك قال طوائف من الفقهاء: يحرم ملابسة النجاسة من غير حاجة ماسة.
وتردد الشافعي في لبس جلود الميتة، والكلاب والخنازير، ولما كان هذا الباب مكرمة معقول المعنى من وجه، وموكولًا في أوقات شرعية إلى علم الله من وجه اشترطت النية في الطهارة لما فيها من التعبد، وانفراد الشارع بالغيب فيه، فهو منضبط في علم الله- تعالى- دون علمنا، بل ظننا،