فيتعذر علينا القياس عليه، بخلاف القسمين الأولين، أمرهما بين منضبط، فيتيسر القياس، مع أن الضرورة والحاجة قد لا يكتفي الشارع بحصولها في الجنس؛ لفحش ذلك الفعل، بل لابد من وقوعه للشخص كأكل الميتة، وقد يشتد القبح فلا يباح مع الضرورة في [مورد الشرع]، بل يوجب الانقياد للهلكة؛ لفرط القبح، كالمكره على الزنا والقتل، لا يباحان له.
فتحصل أن الضرورة ثلاثة أقسام: منها ما يكتفي فيه بالجنس كالبيع، أو الشخص كالميتة، أو لا يباح مطلقًا كالإكراه على القتل.
ويتخلص- أيضًا- أن القياس في الأحداث متعذر؛ لما تقدم أن فيها شائبة التعبد بالغيب، واختصاصها ببعض الأوقات، وبقية الأقسام قد يتأتى القياس عليها، إن تحقق الجامع سالمًا عن المعارض، وقد يمتنع إذا تعذر ذلك.
التقسيم الثاني: الوصف إما أن يعتبره الشارع أو يلغيه.
قوله:(إما أن يعتبر نوعه في نوع الحكم):
تقريره: أن النوع ما كانت أفراده لا تختلف إلا بالشخص والمحال، كالإنسان بالنسبة إلى أفراده، والجنس ما اختلف في محاله بأمور زائدة على الشخص، كاختلاف الحيوان في الإنسان والفرس بالناطق والجاهل، وكذلك- هاهنا- جعل التحريم في الخمر والنبيذ نوعًا، والتقديم في الإرث والنكاح جنسًا؛ لتباين البابين.
وضابط (النوع) في المنطق هو: (المقول على كثيرين مختلفين في العدد فقط، في جواب ما هو قولًا غير ذاتي).