للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرف له ضدًا، فلو أمرنا في ذلك الوقت بفعل ضده، لكنا قد أمرنا بفعل شيء لا نعرف ماهيته، فيكون ذلك أيضًا قولاً بتكليف ما لا يطاق؛ فثبت بهذه الوجوه السبعة وقوع تكليف ما لا يطاق، ولا شك أن ذلك يقدح في تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه بمصالح العباد.

الدليل الرابع: أن تخصيص خلق العالم بالوقت الذي خلق فيه، دون ما قبله، وما بعده- يستحيل أن يكون معللًا بغرض؛ لأن قبل حدوث العالم، لا وقت، ولا زمان، بل ليس إلا الله تعالى والعدم الصرف، ويستحيل أن يحصل في العدم الصرف وقت يكون منشأ المصالح، ووقت آخر يكون منشأ المفاسد.

الدليل الخامس: أن تقدير السموات والكواكب المعينة، وتقدير البحار والأرضين بمقاديرها المعينة لا يجوز أن يكون رعاية لغرض الخلق، فإنا نعلم أنه لو ازداد في خلق لفلك الأعظم مقدار جزء لا يتجزأ، فإنه لا يتغير بذلك البتة شيء من مصالح المكلفين، ولا من مفاسدهم.

الدليل السادس: أنه تعالى خلق الكافر الفقير بحيث يكون في الدنيا من أول عمره إلى آخره في المحنة، وفي الآخرة يكون في أشد العذاب أبد الآبدين ودهر الداهرين، وأنه تعالى كان عالمًا من الأزل إلى البد أنه، إذا خلقه، وكلفه بالإيمان، فإنه لا يستفيد من الخلق والتكليف إلا زيادة المحنة والبلاء، فكيف يقال: إنه تعالى لا يفعل إلا ما يكون مصلحة للمكلف؟!

الدليل السابع: أنه تعالى خلق الخلق، وركب فيهم الشهوة والغضب، حتى إن بعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يفجر ببعض، ولقد كان تعالى قادرًا على أن يخلقنا في الجنة ابتداء، ويغنينا بالمشتهيات الحسنة عن القبيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>