للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يحسن من العقلاء سؤال الجازم بأحدهما الإتيان بالآخر، كسؤال الجازم بركوب البحر ألا يركبه، وسؤال الجازم بقتل الجاسوس ألا يقتله، ولو كان كما قلتم، لكان سؤاله حملًا له على السفه؛ وهو قبيح.

ولأن ما ذكرتموه إنما يصح أن لو صرح ببناء تصرفه عليه، أما مجرد إقدامه، فلعله بناه على معنى آخر، فلا يلزم تعيينه ليبنى عليه اعتقاد الرجحان، وقد حصل المقصود؛ إذ المقصود سقوط المطالبة بالترجيح لتحقيق المناسبة، وقد حصل.

ولأن الشرع ورد بالرخص: كالقصر، والفطر، وأجمع العلماء على تعليلها، مع العلم بأنها لو انعكست لكانت- أيضًا- معقولة المعنى، بل هو جابر في كثير من العزائم: كقطع يد السارق، وقتل الجماعة بالواحد، ولو تقيدت المناسبة بالرجحان لاستحال ذلك؛ لانحصار الرجحان في أحد الطرفين.

ولأنه يلزم منه ألا يصلح انتفاء تعليل الحكم بالمانع، وقد صح.

بيان الأول: أن اقتضاء السبب ينخرم بالمانع، وانتفاء الحكم عند انتفاء السبب الواجب، فتمتنع إضافته إلى غيره.

وبيان الثاني: [نقرره في مسألة] بيان تخصيص العلة.

قال: ولو سلمنا انخرام المناسبة بالمعارضة- ومع ذلك- فيدعى رجحانها في محل التعليل إجمالًا؛ لأن حجة الرجحان ضعيفة تدق، وتخفى، وتتعذر، فقد يترجح المهم على الأهم في جنسه؛ لتفاوتهما في الكلي والجزئي، والإبطال والإبدال، والنقض والإهمال والظهور والاحتمال، ومراتب المقدار، ولهذا قطع يد السارق حفظًا للمال، وأبيح الدفع عنه بالقتال،

<<  <  ج: ص:  >  >>