وترك الصوم والصلاة بالإكراه، والفطر والقصر في السفر، وركوب البحر لغرض التجارة، وإذا ثبت ذلك فالشارع أعلم بدقائق هذه الأمور، واحتمال التفاوت قائم في كل مورد، فيجب اعتقاده تنزيلًا للحكم الشرعي على وفق العقول؛ فإن احتمال خفاء معنى آخر هو مبنى الحكم أبعد من احتمال خفاء وجه الرجحان، وإن طال البحث.
قال: واستدلال المصنف باطل بالأمزجة المختلفة، والطبائع إذا اجتمعت وباصطكاك الأجرام؛ فإنه لابد وأن يتأثر أحدهما بالآخر مع قيام هذا التقسيم، ثم هو بعيد عن التحقيق؛ لأن الكلام في بطلان المناسبة، لا في مطلق المصلحة والمفسدة، والمناسبة حكم المصلحة والمفسدة لا عينها.
ثم لا يلزم من عدم المناسبة عدم الحكم، لجواز ثبوته بعيدًا.
ولأن من شرط الانخرام التعاند في الاقتضاء؛ ليتعذر الوفاء بحكم كل واحد منهما، وإنما يتحقق ذلك بالإضافة إلى حكم واحد، وفي الصلاة في الدار المغصوبة مفسدة الغصب تقتضي تحريم الغصب، وهو تهديد يتعلق بالفعل المتوقع، ومصلحة الصلاة تقتضي الاجتزاء بالواقع المتضمن لها، فلم يتوارد تعلقًا ولا اقتضاء، فإذن لا تعارض؛ لأن مفسدة الغصب لا تندفع بعد وقوعها بنفي إجزاء الصلاة، ولا مصلحة الصلاة- التي هي في ضمن الواقع- تتأثر بالمنع السابق على الوقوع.
نعم لا ننكر أنه ربما اختل مقصود الزجر عن الغصب بإجزاء الصلاة من حيث فوات تأكيد داعية الامتناع من ذلك الوجه، وربما اختل مقصود التقرب بالصلاة بارتكاب المنهي عنه في مطاوى الامتثال، ولكن لا يخفى أن كل واحد منهما يقتضي نفي حكم الآخر تكميلًا لمقصوده، ومبالغة فيه، فيكون