مرجوحًا بالإضافة إلى الاقتضاء المتأصل لحكمه المقصود، فلا جرم يلغي كل واحد منهما من الوجه المرجوح، ويعتبر من الوجه الراجح؛ وفاء بتحقيق مناسبة الراجح، وانخرام المرجوح.
هذا وجه [تقرير] أن المناسبة لا تنخرم بالمعارض، وهو الأشهر.
وأما بيان الانخرام فمن أوجه خمسة تقدم عليها مقدمة، وهي أن المناسبة التي ندعي انخرامها هي ملاءمة بين الوصف والحكم توجب حسن إسناده إليه في نظر العقلاء، وحينئذ نقول: مفسدة الفعل منافية لتلك الملائمة لا محالة، ويستحيل حصول الأثر مع قيام المنافي إلا إذا ترجح المؤثر.
والثاني: أن العقلاء متفقون على استقباح الورود به، وإنما الخصم يزعم إسناده للمعارض، وهذا باطل لوجهين:
أحدهما: أن الاستقباح ضد الاستحسان، الذي هو إخبار عن تلك الملائمة، فكيف يجتمعان؟
الثاني: لو كان كذلك لوجب ألا يثبت الاستقباح- أيضًا- كما لم يثبت الاستحسان الذي هو مقتضى المصلحة تسوية بينهما في الإعمال.
الثالث: المصلحة إذا صارت معارضة بمفسدة، فلا فائدة في الفعل؛ لاستواء الترك معه في صلاح حال المكلف؛ فإنا نعلم أن حال وضع درهم في الكيس وأخذ مثله، يساوي حال عدم الوضع والأخذ في عدم الفائدة، ولا خفاء في عدم المناسبة ما لا فائدة فيه.
الرابع: العقلاء حصروا الأفعال في: المصلحة، والمفسدة، والعبث الذي لا مصلحة فيه ولا مفسدة فيه، ولا يمكن أن يقال: إن المصلحة هي المتضمنة نفعًا ولا ضرر فيه، ولا أن المفسدة ما تمحض ضررًا لا نفع فيه؛ لأن المحض لا وجود له في عالم الكون والفساد، فما من فعل يسمى مصلحة إلا ويتضمن