وإنما يوجبه على التدريج، [ومن] ضرورته [تقدم] ظن غالب قبل بلوغه الكمال.
وتفصيل القول فيه: أن الذهن يطالب بسبب الاقتران، فإذا استبعد الاتفاق لأجل الكثرة، حمل على أمر يوجب التلازم ظنا أو يقينا، بحسب إمكان الاتفاق وعدمه؛ [ولأن] الحدوث عند الحدوث نوع ملاءمة للعلية؛ فإنه مقتضاها، فيسبق الذهن إلى فهم العلية؛ لأن الذهن سباق إلى فهم الملزوم من [اللازم]، فإذا انضم إليه الزوال عند الزوال، صار السبق ظنا لاستبعاد الاتفاق.
ويرد على مدرك المصنف الأول: أن طريقة الحصر طريقة مستقلة تستغني عن الدوران، والمقصود إنما هو إفادة الدوران.
ويرد عليه- أيضا- فيه منع الحصر.
وقوله:(إن كان موجودا قبل الحكم تخلف الحكم):
إنما يلزم إذا اعتقدناه كل العلة، أما إذا اعتقدناه ضميمة إلى الحادث، فلا يلزم.
ويرد على قوله:(التعين العدمي):
أنا نعني به خصوص الوصف الذي لا يشاركه فيه غيره، وهو أمر وجودي، وكذلك الإضافة للمحل كيف يكون عدميا، وظهور أثر العلة في المحل يتوقف عليه، فهو [إما] جزء العلة، أو علة علية العلة، ثم الدليل على أنهما وجوديان أن نقيضهما- وهو لا عينية ولا حصوله عدميان؛ لأنه يصح حملهما على العدم، ونقيض العدم وجود، وإلزام التسلسل تشكيك وسفسطة، ونظيره من الضروريات أن تقول: كونه موجودا عدمي؛ لأنه لو كان موجودا لكان وصفا للمحل، وكان كونه وصفا للمحل وصفا له، وهكذا إلى ما لا نهاية له.