المسألة الرابعة: القالب: إما أن يذكر القلب؛ لإثبات مذهبه أو لإبطال مذهب خصمه:
والأول: مثل أن يقول الحنفي في أن الصوم شرط في صحة الاعتكاف: "لبث مخصوص، فلا يكون بدون الصوم قربة؛ كالوقوف بعرفة" فيقول القالب: "لبث مخصوص، فلا يعتبر القوم في كونه قربة؛ كالوقوف بعرفة" فالحكمان المذكوران في الأصل والقلب لا يتنافيان في الأصل، ويتنافيان في الفرع.
وأما الثاني: فإما أن يدل القالب على فساد مذهبه صريحا، أو ضمنا، وهو أن يدل على فساد لازم من لوازم مذهب الخصم.
مثال الأول: قول الحنفي في المسح: "ركن من أركان الوضوء؛ فلا يكتفي فيه بأقل ما يقع عليه الاسم؛ كالوجه، فيقول القالب: "فوجب ألا يتقدر الفرض فيه بالربع؛ كالوجه" وهذان الحكمان لا يتناقضان في ذاتيهما؛ لأنهما حصلا في الوجه، ولكن يتنافيان في الفرع بواسطة اتفاق الإمامين.
مثال الثاني: قولهم في بيع الغائب: "عقد معاوضة، فينعقد مع الجهل بالعوض؛ كالنكاح" فيقول القالب: "فلا يثبت فيه خيار الرؤية؛ كالنكاح، ويلزم من فساد خيار الرؤية فساد البيع" وهذا الحكمان غير متنافيين في الأصل؛ لأنه اجتمع في النكاح الصحة وعدم الخيار؛ لكن لا يمكن اجتماعهما في الفرع.
وقال بعضهم: هذا النوع منن القلب غير مقبول؛ لأن دلالة الوصف على ثبوت الحكم، لا بواسطة- أظهر من دلالته على انتفاء الحكم بواسطة.