فيقول الحنفي: تحكيمهم القائف فيه- أيضا- تحكم بلا دليل.
والمقصود- أيضا- استنطاق المدعى بأن ما ذكره ليس تحكما بل له مأخذ صحيح.
فيقول المعترض: فذلك ما ذكرته.
وهو في غاية البعد؛ فإنه إما أن يعترف المستدل بأن ما ذهب إليه تحكم، أو يبين مأخذه فيه.
فإن كان تحكما، فلا يعني معارضة المعترض بتحكمه [في] مذهبه في إبطال دعواه التحكم في مذهب خصمه.
وإن بين له مأخذا، فهو الجواب، ولا حاجة إلى القلب.
ثم قال: قول المستدل في اشتراط الصوم في الاعتكاف: "لبث محض؛ فلا يكون قربة بنفسه" ليس تعليلا بمناسب يقتضي نفي القربة، بل بانتفاء المناسب؛ لأن الليث المحض لا يناسب القربة.
وتعليل المعترض بقوله:"لبث محض، فلا يشترط الصوم [في صحته] كالوقوف بـ "عرفة"". تعليل بأمر طردي؛ فإنه لا مناسبة في أللبث المحض لنفي القوم، هذا هو التحقيق، ثم قال: أعلى أنواع القلب ما بين فيه انه يدل على المستدل، [و] لا [يدل] له.
ثم يليه: أن يبين أن يدل له وعليه.
وأعلى مراتب هذا النوع ما صرح في بإثبات مذهب المعترض، وهو القسم الأول منه.
ثم ما صرح فيه بإبطال مذهب المستدل؛ لأنه لا يلزم منه تصحيح مذهبه، فيكون دون الأول.