ثم ما بين فيه عدم الدلالة بطريق الالتزام؛ لأنه لم يقدح في دلالة المستدل، بل بين دلالة أخرى منه تدل على نقيض مطلوبه، فكان [شبيها] بالمعارضة، وإن فارقها من جهة أنه من نفس الدليل المستدل.
واختلفوا في قبول القلب مطلقا.
فقبله قوم من جهة أنه يشير إلى ضعف الدليل؛ لدلالته على نقيض مذهبه.
ومنعه آخرون، من جهة أن المعترض إما أن يتعرض في دليله لنقيض حكم المستدل، أو إلى غيره.
فإن كان الأول، فقد تعذر عليه القياس على أصل المستدل؛ لاستحالة اجتماع حكمين مجمع عليهما في صورة واحدة.
وإن كان الثاني، فلا يكون ذلك اعتراضا على الدليل.
قال: والحق في ذلك أنه إن تعرض في الدليل لحكم يقابل بحكم المستدل صريحا، فقد لا يمتنع الجمع بينهما في أصل واحد، كما تقدم في المثل.
قال إمام الحرمين في "البرهان": اختلفوا في القلب، [ومجوزوه] له عندهم مزية على المعارضة؛ لأن العلتين المتعارضتين تضاف كل علة منهما إلى أصل لا يشهد للعلة الأخرى، وفي القلب يتحد الأصل، فكان أبين في التناقض.
ثم قال: قول المستدل والمعترض في مسح الرأس: "عضو من أعضاء الوضوء" وصف طردي من الجانبين، وليس من باب تعارض الشبهين؛ لأن أعضاء الوضوء غير متشابهة في المقادير المفروضة، ولا في الكيفية.
قال: والذي اختاره وأقول به- في قبول القلب-: قول ثالث، وهو أنه إذا كان القلب في طرف لا يناسب العلة، بل اتفق مذهب الخصمين في