النفي والإثبات، ولا يمتنع إثبات ثالث دونهما، بل وقع الحصر اتفاقا، فهو قلب غير قادح، كما تقدم مثاله في قلب مسح الرأس، فإن كونه عضوا من أعضاء الوضوء لا يناسب الربع، ولا الاقتصار على ما أمكن، وإن كان له إحالة من وجه سمع، كقولهم:"مكث؛ فلا يشترط فيه الصوم" قدح؛ لأن المعلل ذكرا أمرا لا يستقل بإثبات مذهبه؛ لأنه لا يكتفي في أي عبادة إلى الاعتكاف، ولم يتأت له التصريح، فافهم مقصوده، بل أثبت طرفا من مذهبه تلويحا، فقدح القادح فيه تصريحا، فكان مقبولا.
ويؤكده أن الصوم عبادة مستقلة، فضمه لغيره خلاف الأصل، هذا هو القلب المصرح به.
والقلب المبهم ينقسم إلى: إبهام من غير تسوية، وإلى إبهام التسوية.
فالإبهام من غير تسوية، قول الحنفي: صلاة يشرع فيها الجماعة؛ فلا يثنى فيها الركوع في ركعة واحدة، كصلاة العيد، [فيقول] القالب: "فتختص بالزيادة، كصلاة العيد؛ لأن فيها تكبيرات زائدة" فهذا قلب مبهم، وقد أفتى القاضي ببطلانه، وقال: قلب القالب ينقلب عليه، فيقول الحنفي: فلا تختص بزيادة، هي ركوع كصلاة العيد.
قال الإمام: وقول القاضي لا يتجه؛ لأن [القلب]- ها هنا- إعادة للعبة لا زائد عليها، ولا قلب إلا وهو بهذه الصفة، وغرض القالب أن يورد ما يقتضي تعارضا، فإذا ذكر المعلل علته في معرض القلب، فهو مقدر لوجه التعارض، وهو القادح، وهو كما لو عورضت علة بعلة أخرى، وأعاد المجيب علته على [صيغة] المعارضة لما عورض به، فتم به اعترافه بتعارض العتلين.
وقال القاضي أيضا: الصريح مقدم على المبهم، فلو كان القلب معارضة لسقط؛ لترجح الصريح عليه.