قوله:"الشارع إنما يتحقق إذا لم يكن فيه وجه يقتضي المنع":
قلنا: لا نسلم بل الإباحة تثبت مضافة إلى سببها كما تقدم البحث في الدار المغصوبة إذا صلى فيها، فإذا اجتمع الوجوب والتحريم هنالك، اجتمع التحريم والإباحة هاهنا، لأن الوجوب مستلزم لنفي الحرج، بل الحق ما قاله السائل في هذه المسألة أنه يجتمع إباحات، كل إباحة مضافة [إلى] سببها، كما تجتمع تحريمات لتعدد الأسباب، وذلك قال بعض العلماء في قوله تعالى:{فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}[البقرة: ٢٣٠]:
ومقتضى الغاية أن ينفى ما قبلها بعد حصولها، وإذا نكحت زوجا غيره هي مخرجة- أيضا- فلم يحصل مقتضى الغاية.
وأجاب بان تحريم الثلاث انتفى بعقد الزوج، وبقى تحريم آخر، وهو كونها زوجة الغير، أو كونها أجنبية، وتحريم كونها أجنبية كان من تحريم الطلاق، ذهب إحدى الحرمتين، وبقيت الأخرى.
فالحرمات، والوجوبات، والإباحات تجتمع بناء على تعدد الأسباب.
ثم إنه نقض كلامه بقوله:"الظلم حرام، وكونه: حادثا، وعرضا، وحركة، لا يقتضي الحرمة"، فقد أثبت التحريم من وجه دون وجه، فكذلك الإباحة تختص بعض الوجوه، ويكون الوجه الآخر إن عرض له سبب الإباحة ثبتت إباحة أخرى، بحسب اتحاد الأسباب وتعددها.
قوله:"الزائل كون الحل معللا بذلك السبب":
قلنا: إذا زالت الإباحة المستفادة من نفس الردة؛ فإنه قد تقدم ما يوضح هذا البحث أول الكتاب، وهو أن الحكم الشرعي لا يكفي فيه الكلام النفساني فقط، بل لا بد من التعلق الخاص، فإن تعلق بإلزام الفعل كان للوجوب، أو إلزام الترك كان للندب، أو التخيير بينهما كان للإباحة،