وأما استلزام الفرق لعدم التعليل بعلتين، فقد تقدم الرد عليه.
"قاعدة في الاستنباط"
إذا نظر المستنبط في محل الحكم فوجد وصفا واحدا مناسبا، اقتصر عليه.
أو وصفين فأكثر مناسبة، كان المجموع علة مركبة، ويكون كل واحد من تلك الأوصاف جزء تلك العلة.
فإن وجد بعض تلك الأوصاف قد انفرد، والحكم ثابت معه، اعتقد أنه علة مستقلة.
فإن استقل واحد من تلك الأوصاف بالحكم منفردا كانت عللا، واعتقدنا أنها لما اجتمعت كان الحكم فيها معللا بعلل متعددة، لا أنها أجزاء علل، والأصل أنها أجزاء، وأنها لا تستقل حتى نجدها منفردة ذلك.
ومتى وجدنا صاحب الشرط أناط الحكم بوصفين مناسبين قلنا: المجموع علة، وكل وصف جزء لها، إلا أن نجده استقل، فيكون على تامة.
فإن كان احد الوصفين مناسبا في نفسه، والآخر مناسبته في غيره، جعلنا المناسب في نفسه هو العلة، والآخر شرط، كملك النصاب مع الحول، الزكاة متربة عليهما، والنصاب مناسب في نفسه، والحول مناسبته في النصاب بالتمكن من التنمية [طوال] الحول.
فهذه القاعدة تظهر الفرق بين جزء العلة، والوصف الذي هو علة تامة، وبين الوصفين اللذين أحدهما شرط والآخر سببه، والوصفين اللذين هما جزء العلة، وينبني على هذه القاعدة مراتب في القياس والمناظرات، وتحقيق الأسئلة والأجوبة فيها.