قلنا: المنكرون للقياس يمنعون أن المصالح مرعية ألبتة.
وجماعة من المتكلمين- ويعزى إلى الأشعري- أن حكم الله- تعالى- يستحيل تعليله بالمصالح، بل أفعاله يستحيل أن تكون معللة، فأين الإجماع؟.
قوله:"لو جاز التعليل بالحكمة لوجب طلبها؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وطلبها غير واجب؛ لأنها غير منضبطة، فيكون طلبها مشقة، فلا يجب طلبها؛ لقوله تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: ٧٨].
قلنا: إحدى المقدمتين باطلة، إما عدم لزوم وجوب الطلب، وإما أن اللازم غير منفى؛ لأن طلب الحكمة إما أن يكون مقدورا يحسن التكليف به، أو لا.
فإن كان الأول: بطل نفي اللازم؛ لأنه لا مشقة حينئذ.
وإن كان الثاني: بطلت الملازمة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به إنما يجب إذا لم يكن كذلك، فظهر أن إحدى المقدمتين باطلة، إما بطلان الملازمة، أو نفي اللازم.
قوله: "الحكمة تابعة للحكم؛ لأن الزجر تابع لحصول القصاص":
قلنا: مسلم، لكنه تقدم في المجاز أن الأسباب، والعلل أربعة أقسام: فاعلية، وصورية، ومادية، وغائية.
والمراد- هاهنا- الغائية التي تسبق في النفس، وتتأخر في الوقوع.