أي لما كان أصل النسب أن منيها- الذي هو جزؤها- مع منى الرجل، نشأ منهما الجنين، وصار منهما [جزءا]، فكذلك اللبن.
وكذلك يلزم أن من سرق صبيانا صغارا، وغيبهم عن آبائهم، حتى كبروا، والتبسوا على آبائهم، واختلطت أنسابهم، كذلك يجب عليه الرجم حد الزنا؛ لأنه أتى بحكمة الزنا التي هي اختلاط الأنساب.
واعلم أن مثل هذا كما هو وارد على التعليل بالحكم، فهو- أيضا- وارد على المدرك المانع من التعليل الذي هو عدم الانضباط؛ فإن هذه حكم منضبطة؛ لأن كون جزئها صار جزءه أمر منضبط، وكذلك اختلاط الأنساب في المثال الآخر.
"فائدة"
قال سيف الدين: قال الأكثرون: يمتنع التعليل بالحكمة المجردة عن الضابط.
وجوزه الأقلون.
ومنهم من فصل بين الحكمة الظاهرة المنضبطة بنفسها، والخفية المضطربة، فيجوز بالأولى دون الثانية؛ لاتفاقنا على أن الوصف المنضبط المشتمل على الحكمة يصح التعليل به؛ لانضباطه، وإن لما يكن هو المقصود، فالحكمة أولى إذا كانت منضبطة، والخفية [التي] لا تنضبط لا يعلل بها، بل بضابطها كمشقة السفر، ولذلك لم يرخص للحمال المشقوق عليه في الحضر، وإن زادت مشقته على مشقة السفر في كل يوم ربع فرسخ، وهو في غاية الرفاهية؛ لأجل الاضطراب.