نفسه، وتقدير الدراهم دينا هل هو تصور حقائقها لتعلق الاستحقاق بها؛ فيكون من المعقول؟ أو تقدير أعيانها؛ فيكون من المحسوس؟ فيه خلاف، وأما ما لم يسبق العلم به قبل التقدير، فكثبوت الملك، والاستحقاق، والتخصيصات، وسائر أحكام الشرع من الطهارة، والنجاسة، والزوجية، والعصمة، والمقصود أن ما يرجع إلى ما سبق العلم به، فحاصل تقديره يرجع إلى تصوير حقيقته حال عدمه في بناء أحكامه عليه، وليس ذلك وهما كاذبا، فإن الوهم هو الذي يغالط فيه قوة الوهم قوة العقل مع شعوره بعدمها لا الوهم، وصور المعقولات لا ينكر خطورها للنفس، ولكن قد تقتضي المحبة أو التعظيم تأثر النفس بتصورها حسب تأثيرها بتحققها، فكذلك في الشرع مثلا خلوص النية حال تحققها يشعر بالاستمرار، والتجديد في كل لحظة، لولا العجز البشري والغفلة المستولية، فراعي الشارع ذلك الإخلاص في مقتضاه بتصويره على الدوام، حتى يرتب عليه حكمه، ويتصل بمقصوده.
وأما ما يرجع إلى ما لم يسبق العلم به قبله، فهو إثبات حالة مضاهية في العقل للعالمية والقادرية، وكون الجوهر متحيزا، وفي العرف يضاهي الجهة والعظمة، والوقار، والمهانة، والحقارة، ولا شك أن لها أسبابا وآثارا، وهي وسائط بين الآثار والأسباب، وليست عين السبب، ولا عين الأثر، والمنكر للمعاني إذا نظر في مناظر العقل بعين الإمكان، بنبغي أن يطالب بتطبيقها على [الأحوال التي هي أحكام المعاني، لا] نفس المعاني؛ فإن ذلك صول، بل إذا أرسلنا طلاب الحقاق في مجاري ضيق العبارة، قلنا لهم: ما معني التعلق الذي جعلتموه جزء ماهية الحكم؟