لو سلمنا أن التعليل بالمانع يتوقف على وجود المقتضي؛ لكن لا حاجة إلى ذكر دليل منفصل على وجود المقتضي، بل يكفي أن يقال: إما ألا يكون المقتضي موجودا في الفرع؛ وحينئذ يلزم عدم الحكم في الفرع، أو قد حصل المقتضي في الفرع؛ لكنه إنما ثبت فيه؛ تحصيلا لمصحلته، ودفعا لحاجته، وهذا المعنى قائم في الأصل؛ فيلزم ثبوت المقتضي في الأصل، وإذا ثبت ذلك، فقد صح جواز تعليل عدم الحكم فيه بالمانع.
المسألة الرابعة عشرة
تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي لا يتوقف على بيان ثبوت المقتضي.
قال القرافي: قلنا: هذه المسألة المراد بها أن تعليل انتفاء الحكم بالمانع لا يتوقف على ثبوت المقتضي، وعبارتها أوسع وأعم؛ فإن الحكم العدمي قد يكون لقيام المانع كما يقولون، وهو صورة النزاع- ها هنا- وقد يكون لعلة في الشرع نصبها الشرع أمارة على العدم؛ لأنها من قبيل الموانع كما في كل علة بنفي الحظر، كاختلاف الأجناس في الربا؛ فلا يحرم، وكذلك جميع علل الإباحة وانتفاء التكاليف.
وكما انقسمت الأدلة إلى (النافي)، و (المثبت)، انقسمت العلل إلى النافي والمثبت، وهذا القسم ليس محل النزاع، إنما النزاع إذا علم من الشارع علة الثبوت، وحصل العدم في صورة تلك المادة التي شأنها الثبوت، هل يتوقف ذلك على قيام المانع أم لا؟ فقد أدرجتم في المسألة ما ليس منها.