وأما الثاني: فلقوله- عليه الصلاة والسلام-: (ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا، فهو عند الله قبيحا).
ورابعها: أن عدم المقتضي مستلزم لعدم الحكم، فلو حصل عدم المقتضي، لامتنع إسناد ذلك العدم إلى وجود المانع؛ لأن تحصيل الحاصل محال؛ فثبت أنه لابد من بيان وجود المقتضي.
والجواب عن الأول: أن العلة الشرعية معرفة، والمعرف يجوز تأخيره عن المعرف.
قوله:(إنما يصير الحكم شرعيا، إذا كان بحيث لو سكت الشرع، لما ثبت):
قلنا: نحن لا نعني بكون هذا الانتفاء شرعيا، إلا أنه لم يعرف إلا من قبل الشرع؛ وذلك حاصل بدون ما قلتموه.
وعن الثاني: أن مجرد النظر إلى وجود المانع يقتضي ظن عدم الحكم، بدون الالتفات إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرتموها.
وعن الثالث: أنا لا نسلم أن ظن إسناد عدم الحكم إلى وجود المانع يتوقف على العلم بوجود المقتضي عرفا؛ ألا إذا علمنا وجود سبع في الطريق، فهذا القدر يكفي في حصول ظن أنه لا يحضر، وإن كان لا يخطر ببالنا في ذلك الوقت سلامة أعضائه، بل نجعل ذلك القدر دليلا لنا ابتداء؛ فنقول:(مجرد النظر إلى المانع يفيد ظن عدم الحكم عرفا، فليفده شرعا؛ للحديث).
وعن الرابع: أن ترادف الدلائل والمعرفات على الشيء الواحد لا نسلم أنه خلاف الأصل.