للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يقتضي ظاهره التناقض؛ فإنه فرض أولا الرجحان، ثم فرض التساوي، ثم قضى بالرجحان على تقدير التساوي.

ومعناه: أن عدم المقتضي من حيث هو عدم المقتضي راجح في إضافة عدم الحكم إليه. هذا بالنظر إلى ذلك العدم من حيث هو.

ثم الأمارات الدالة على هذا العدم قد تساوي الأمارات الدالة على وجود المانع، وقد ترجح، فيكون المتساوي باعتبار الأمارة الدالة على وقوع هذا العدم، والرجحان بالنسبة إلى ذات ذلك العدم من حيث هو هو.

وقد يكون الدال على الراجح مرجوحا، والدال على المرجوح راجحا، كالحقيقة راجحة، ويرجح على دليلها دليل المجاز المرجوح، ونظائره كثيرة، فاندفع التناقض.

قوله: (في قوله عليه السلام: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن):

قلنا: قد تقدم أن الاستدلال بهذا الحديث مشكل من جهة أن المسلمين إنما رأوا ذلك في دنياهم ومعاشهم، فيلزم أن يكون عند الله- تعالى- كذلك لا باعتبار الأحكام الشرعية؛ لأن الضمير يجب عوده على المتقدم بصفاته، كما إذا قلنا: زيد يرى لبس الصوف في الشتاء، وما رآه زيد حسنا، فهو عند عمرو حسن، فلابد أن يكون عمرو يراه حسنا في الشتاء؛ إذ لو كان يراه حسنا في الصيف، لم يحسن هذا الكلام، فيبطل الاستدلال بهذا الحديث.

غير أن لنا قاعدة، وهي أن لفظ الشرع متى دار بين أن يفيد فائدة شرعية أو عقلية، فالأول أولى، ولو حملناه على الظاهر لزم أن يكون عند الله- تعالى- كذلك، فيكون معناه أنه يعلمه حسنا عندهم في معاشهم، وتعلق علمه- تعالى- حكم عقلي.

أما إذا حملنا التعبد به- ها هنا- على شرعه حكما شرعيا، حصلت

<<  <  ج: ص:  >  >>