للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يعتق عليه؛ لأن ما يجعله الإنسان علة لحكم لا يجب أن يتفرع عليه الحكم، أينما وجد؟! فكذا هاهنا لا يلزم من كون الشدة علة لذلك الاسم حصول ذلك الاسم، أينما حصلت الشدة، إلا إذا عرفنا أن واضع الاسم هو الله تعالى.

والجواب عن الأول: أنه لا يمكن جعل المعنى علة للاسم، إذا فسرنا العلة بالداعي، أو المؤثر.

أما إذا فسرناها بالمعرف، فلا يمتنع؛ كما أن الله تعالى جعل الدلوك علة لوجوب الصلاة، لا بمعنى كون الدلوك مؤثرا، أو داعيا، بل بمعنى: أن الله تعالى جعله معرفا، فكذا هاهنا.

وعن الثاني: أنا بينا أن اللغات توقيفية.

الثاني: وهو الذي اعتمد عليه المازني، وأبو علي الفارسي- رحمهما الله- أنه لا خلاف بين أهل اللغة أن كل فاعل رفع، وكل مفعول نصب، وكذلك القول في كل وجوه الإعراب، وأن كل ضرب منها اختص بأمر انفرد به، ولم يثبت ذلك إلا قياسا؛ لأنهم لما وصفوا بعض الفاعلين به، واستمروا على ذلك، علم أنه ارتفع الفاعل؛ لكونه فاعلا، وانتصب المفعول؛ لكونه مفعولا.

فإن قلت: (كيف يصح ذلك، وقد وجد المفعول غير منتصب، وكذا الفاعل قد لا يرتفع؛ لعارض؟):

قلت: تخلف الحكم عن العلة لمانع لا يقدح في العلية عند من يقول بتخصيص العلة، ومن لا يقول به يجعل ذلك القيد العدمي جزءا من العلة.

الثالث: وهو: أن أهل العربية أجمعوا على أن ما لم يسم فاعله، إنما ارتفع؛

<<  <  ج: ص:  >  >>