الإطلاق؛ لأنه ضار مشتركا، أو للقدر المشترك، وهذا فارق آخر بين القياس في الشرع، وبين القياس في اللغة؛ فإن الزجر المقصود بالقصاص في المحدد لا يبطل بشرع القصاص في المثقل وأمثاله، وقد حصل الجواب بما ذكرنا عن حجتهم الأولى.
وأما الثانية والثالثة فنقول: هما يرجعان إلى التتبع، ويصرف الوضع بالاستقراء من مجاري الاستعمال، واستنباط معاني عن محل النص للفهم لا للتعدية، ويدل عليه أن هذه الألقاب- أعني: الرفع، والنصب والجر- اصطلاحات حادثة من المصنفين، فلا يمكن إسنادها إلى نطق العرب، بل ربما لو سمعوا هذه الألفاظ لم يدركوا معناها المقصود في محاوراتنا، فإذا هو تعبير عما فهموه من استعمالهم، وإخبار على وفق العلم الحاصل من الاستقراء.
ومن هذا القبيل قولهم: إنما رفع ما لم يسم فاعله لاستناد الفعل إليه تشبيها بالفاعل؛ فإنه حكاية عن الواقع نصا، وإنما يكون قياسا أن لو جهلوا حكمه أولا، ثم ألحقوه بالفاعل للاشتراك في هذا المعنى، أما إذا كان رفعه منصوصا عليه من أهل الشأن، فالتنبيه على المعنى تصحيح لم استنبطوه من المعنى ببيان الاطراد.
وأما تعميم الحكم في بيان رفع الفاعل، فذلك لأنه لما عسر على المصنفين تفصيل كل فاعل [ضبطوا ما خرج عن القاعدة، وأحالوا ما عداه على القاعدة الكلية المفهومة بالاستعمال المنطوق به، فقالوا: الفاعل] بأصله يستحق الرفع إلا إذا امتنع لمانع وذكروه؟.
ثم لو سلمنا أن ذلك كله قياس، ولكنه في الإعراب، فلم قالوا: إنه يلزم منه صحة القياس في نفس اللغة؟.
والفرق ما مر من الفرق بينه وبين القياس الشرعي، وهو أن رفع ما لم يسم فاعله لا يرفع كون الفاعل مرفوعا.
وتسمية كل [ما يخامر العقل] خمرا ينفي كون المعتصر من العنب يسمى خمرا.