قال الرازي: المشهور أنه لا يجوز إجراء القياس في الأسباب.
والدليل عليه: أنا إذا قسنا اللواط مثلا على الزنا في كونه موجبا للحد: فإما أن نقول: إن كون الزنا موجبا للحد؛ لأجل وصف مشترك بينه وبين اللواط، وإما ألا نقول ذلك:
فإن كان الأول: كان الموجب للحد هو ذلك المشترك؛ وحينئذ: يخرج الزنا واللواط عن كونهما موجبين للحد؛ لأن الحكم لما أسند إلى القدر المشترك، استحال مع ذلك إسناده إلى خصوصية كل واحد منهما؛ فإذن شرط القياس بقاء حكم الأصل، والقياس في الأسباب ينافي بقاء حكم الأصل؛ بخلاف القياس في الأحكام؛ فإن ثبوت الحكم في الأصل لا ينافي كونه معللا بالقدر المشترك بينه وبين الفرع، وأما إن قيل: كون الزنا موجبا للحد ليس لأجل وصف مشترك بينه وبين اللواط، استحال قياس اللواط عليه؛ لأنه لابد في القياس من الجامع.
فإن قلت:(الجامع بين الوصفين لا يكون له تأثير في الحكم، بل تأثيره في علية الوصفين، وأما الحكم، فإنما يحصل من الوصفين):
قلت: هذا باطل؛ لأن ما صلح لعلية العلة، كان صالحا لعلية الحكم؛ فلا حاجة حينئذ إلى الواسطة.