للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة

القياس في الأسباب

قال القرافي: قوله: (يكون الموجب للحد هو ذلك المشترك لا الزنا):

قلنا: المشترك بين الزنا واللواط لا علة للحد، وسببيات الأسباب غير مسببات الأسباب.

كما نقول: اختلاط الأنساب سبب كون الزنا سببا للحد.

وقد اشترك الزنا واللواط في الإيلاج في الفرج المحرم الموجب لفساد النسب، إما باختلاط، أو بحسم مادة إيجاده.

وهذا المعنى لا يمكن أن يكون علة للحد؛ لأن من جمع صغار الصبيان سنين طويلة حتى اختلطوا والتبسوا على آبائهم، فإنه لا يجب عليهم الحد أو من قبل النساء حتى تعذر النسل، أو سقاهن دواء يوجب بطلان التوليد، لا يقول أحد بوجوب رجمه، وبهذا يظهر أن ما يصلح علة العلة قد لا يصلح علة للحكم.

(سؤال)

قال النقشواني: علة العلية هي الحكمة، والوصف ضابطها، فإذا صلحت علة الحكم، فلم لا تصلح- أيضا- علة العلة؟؛ فإنه لا تنافي بين تعليل أحكام بعلة واحدة، ويضاف الحكم إليها إضافة الحكم لمؤثره، والوصف إضافة الحكم لضابطه ومعرفه، بل الواقع في جميع الأحكام هو ذلك، وعدم انضباط بعض الحكم يقتضي منع القياس في تلك الصورة، والمنع من القياس في بعض الصور لا يقتضي المنع مطلقا كما نقول في الصورة التعبدية في الفروع، بل نقول: قد يكون القياس في السبب بطريق الأولى؛ فإنا إذا عللنا الزنا باختلاط الأنساب، فإبطالها أولى بالزجر؛ فإن وضع الماء في غير محل التوليد يبطل النسب بالكلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>