للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الكفارات): فقد قاسوا الإفطار بالأكل، على الإفطار بالوقاع، وقاسوا قتل الصيد ناسيا، على قتله عمدا، مع تقييد النص بالعمد في قوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: ٩٥].

فإن قلت: (ليس هذا بقياس؛ وإنما هو استدلال على موضع الحكم بحذف الفوارق الملغاة):

قلت: إنكم لما لم تبينوا: أن الحكم في الأصل يجب أن يكون معللا، وأن العلة: إما الذي به الاشتراك بين الأصل والفرع، أو الذي به الامتياز، وباطل ألا يكون معللا، وباطل أن يكون معللا بما فيه الامتياز؛ فوجب التعليل بما به الاشتراك؛ ويلزم من حصول ذلك المعنى في الفرع حصول الحكم فيه، وهذا نفس القياس، واستخراج العلة بطريق السبر والتقسيم.

وأما (المقدرات): فقد قاسوا فيها؛ حتى إنهم ذهبوا إلى تقديراتهم في (الدلو والبئر).

وأما (الرخص): فقد قاسوا فيها، وبالغوا؛ فإن الاقتصار على الأحجار في الاستنجاء من أظهر الرخص، ثم حكموا بذلك في كل النجاسات نادرة كانت أو معتادة؛ وانتهوا فيها إلى نفي أيجاب استعمال الأحجار.

وقالوا أيضا: العاصي بسفره يترخص، فأثبتوا الرخصة بالقياس، مع أن القياس ينفيها؛ لأن الرخصة إعانة، والمعصية لا تناسب الإعانة).

احتج الخصم بقوله- عليه الصلاة والسلام-: (ادرءوا الحدود بالشبهات) والقياس لا يفيد؛ فتحصل الشبهة.

وأما (المقدرات): فهي كالنصب في الزكوات، والمواقيت في الصلوات، وقالوا: العقول لا تهتدي إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>