قال الرازي: إذا نقل عن المجتهد قولان: فإما أن يوجد له في المسألة قولان في موضع واحد، أو في موضعين: فإن وجد القولان في موضعين؛ بأن يقول في كتاب؛ بتحريم شيء، وفي كتاب أخر، بتحليله: فإما أن يعلم التاريخ، أو لا يعلم: فإن علم التاريخ: فالثاني منهما رجوع عن الأول ظاهرا- وإن لم يعلم التاريخ: حكي عنه القولان، ولا يحكم عليه بالرجوع إلى أحدهما بعينه- وإن وجد القولان في الموضع الواحد؛ بأن يقول:(في المسألة قولان) فإما أن يقول عقيب هذا القول ما يشعر بتقوية أحدهما، فيكون ذلك قولا له؛ لأن قول المجتهد ليس إلا ما ترجح عنده، وإن لم يقل ذلك، فهاهنا من الناس: من قال: إنه يقتضي التخيير إلا أنا أبطلنا ذلك.
وأيضا: فتقدير صحته يكون له في المسألة قول واحد، وهو التخيير، لا قولان.
بل الحق: أن ذلك يدل على أنه كان متوقفا في المسألة، ولم يظهر له وجه رجحان، والمتوقف في المسألة لا يكون له فيها قول واحد؛ فضلا عن القولين، أما إذا لم يعرف قوله في المسألة وعرف قوله في نظيرها، فهل يجعل قوله في نظيرها قولا له فيها؟ فنقول إن كان بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب، لم يحكم بأن قوله في المسألة كقوله في نظيرها؛ لجواز أن يكون قد ذهب إلى الفرق وإن لم يكن بينهما فرق ألبتة، فالظاهر: أن قوله في إحدى المسألتين قول له في الأخرى.