للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدين: فمن وجهين: الأول: أنه لما لم يظهر له فيه وجه الرجحان، لم يستح من الاعتراف بعدم العلم، ولم يشتغل بالترويج والمداهنة، بل صرح بعجزه عما هو عاجز فيه، وذلك لا يصدر إلا عن الدين المتين، كيف وقد نقل عن عمر- رضي الله عنه-: اعترافه بعدم العلم، في كثير من المسائل، وجميع المسلمين عدوا ذلك من مناقبه وفضائله؛ فكيف جعلوه عيا ها هنا؟!.

والثاني: وهو أنه- رضي الله عنه- لم يقل ابتداء: (إني لا أعرف هذه المسألة) بل وجد المسألة واقعة بين أصلين، فذكر وجه وقوعهما بينهما، وكيفية اشتباههما بهما، ثم لما لم يظهر له الرجحان، تركها على تلك الحالة؛ ليكون ذلك بعثا له على الفكر بعد ذلك، وحثا لغيره من المجتهدين على طلب الترجيح، وهذا هو اللائق بالدين المتين، والعقل الرصين، والعلم الكامل؛ بل من أنصف واعترف بالحق، علم أن ذلك مما يدل على رجحان حاله، على حال سائر المجتهدين في العلم والدين.

المسألة الثانية

(إذا نقل عن المجتهد قولان)

قال القرافي: قوله: (بل الحق أن ذلك يدل على أنه متوقف في المسألة) فيه إشكال من جهة أنه لا قول مع التوقف، والتقدير أنه حكى عنه قولان.

وطريق الجمع أنه بالقولين عن الاحتمالين، كما بينه آخر المسألة.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>