وجد دليل آخر يساوي أحدهما، فمجموعهما لابد وأن يكون زائدا على ذلك الآخر؛ لأن مجموعهما أعظم من كل واحد منهما، وكل واحد منهم مساو لذلك الآخر، والأعظم من المساوي أعظم.
وسادسها: اجتماع الصحابة على ّأن الظن الحاصل بقول الاثنين أقوى من الظن الحاصل بقول واحد؛ فإن الصديق: لم يعمل بخبر المغيرة في مسألة الجدة؛ حتى شهد له محمد بن مسلمة.
وعمر: لم يقبل خبر أبي موسى؛ حتى شهد له أبو سعيد الخدري، فلولا أن لكثرة الرواة أثرا في قوة الظن، وإلا لما كان كذلك؛ فثبت بهذه الوجوه أن الظن إذا كان أقوى، وجب أن يتعين العمل به؛ وذلك لأنا أجمعنا على جواز الترجيح بقوة الدليل، وجواز الترجيح بقوة الدليل إنما كان لزيادة القوة في أحد الجانبين، وهذا المعنى حاصل في الترجيح بكثرة الأدلة.
بلى؛ إذا كان الترجيح بالقوة، حصلت الزيادة مع المزيد عليه، ولا في فرق إلا أن في الترجيح بالقوة، وجدت الزيادة مع المزيد عليه.
وفي الترجيح بالكثرة: حصلت الزيادة في محل، والمزيد عليه في محل آخر، والعلم الضروري حاصل بأنه لا أثر لذلك.
الوجه الثاني في المسألة: أن مخالفة كل دليل خلاف الأصل، فإذا وجد في أحد الجانبين دليلان، وفي الجانب الآخر دليل واحد، كانت مخالفة الدليلين أكثر محذورا من مخالفة الدليل الواحد؛ فاشترك الجانبان في قدر من المحذور، واختص أحدهما بقدر زائد، ولم يوجد في الطرف الآخر، ولو لم يحصل